عدد المساهمات : 495 نقاط : 1126 تاريخ التسجيل : 20/11/2011
موضوع: /// القرآن والمسيحيّة : الحلقة الأولــــــى/// الأحد 1 أبريل - 13:18
سؤال: ما هي فكرة القرآن عن المسيحية ؟
الإجابـــــــة :
ليس هذا بحثاً للمقارنة بين القرآن Quran و المسيحيه كما فهم بعض الأخوة المسلمون الذين يترددون على موقع الأنبا تكلا! فكما قال أحدهم أن القرأن هو دستور لعقيدة، أما المسيحية فعقيدة. ولا أعرف من أين فهم أن هذا مقارنة بين الأديان؟! فكل ما في الأمر أننا نلقي الضوء على بعض ما ذُكِرَ عن المسيحية في القرآن الكريم ليس إلا.. وتوضيح أنه توجد بعض الخلافات غير الحقيقية مثل الظن بألوهية العذراء، أو القول بوجود صاحبه لله -حاشا- أو موضوع الشرك بالله..
* تعرُّض القرآن للمسيحية:
شرح كيف أنها ديانة سماوية، ديانة إلهية، أرسلها الله هدى للناس ورحمة، على يد المسيح بن مريم. والمؤمنون بالمسيحية سجَّل القرآن لهم أجرهم عند ربهم، وأنهم غير المشركين، وغير الذين كفروا.. وقال أيضاً أنهم أقرب الناس مودة إلى المسلمين؛ وأنهم متواضعون لا يستكبرون.
وشخص المسيح له في القرآن مركز كبير. إنه كلمة الله؛ وروحٌ منه. وُلِدَ بطريقة عجيبة لم يولد بها إنسان من قبل ولا من بعد؛ بدون أب جسدي؛ ومن أم عذراء طهور لم يمسها بشر.. ومات ورُفِعَ إلى السماء بطريقة عجيبة حار فيها المفسرون والعلماء عاش على الأرض يهدي الناس، ويقوم بمعجزات لم يعملها أحد مثله..
St-Takla.org Image: Islam symbol
صورة في موقع الأنبا تكلا : رمز الإسلام
وقد هدى الناس عن طريق تبشيرهم بالإنجيل. والإنجيل له مكانة عظيمة في القرآن الذي كان مُصَدِّقاً له وداعِياً الناس إلى الإيمان به.. ولم يُذكَر في القرآن إطلاقاً أنه نسخ التوراة أو الأنجيل، بل على العكس ذكر أن المؤمنين ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والإنجيل.
وللعذراء مريم أم المسيح مركز ممتاز في القرآن، في بتوليتها وطهرها ونسكها وعبادتها وتشريف الله لها وإصطفائها على نساء العالمين.
وقد تحدث القرآن أيضاً عن الحواريين تلاميذ المسيح. وتحدث عن بعض العقائد المسيحية..
وهنا يظهر بعض الخلاف بينه وبين المسيحية ، شيء من ذلك خلاف حقيقي . وشيء آخر لا يمكن أن نسميه خلافاً . وإنما هو محاربة لبعض البدع الدينية التي كانت سائدة وقتذاك ، والتي تحاربها المسيحية أيضاً ، والتي لم تكن في يوم من الأيام من عقائد المسيحية كما يخطئ البعض في الفهم والتفسير. وما أكثر الملل والنحل التي تقوم في كل جيل ، يحارب أخطاءها أولياء الله الصالحون . وسنعرض لكل هذا بالتفصيل :
نظرة القرآن إلى النصارى :
يدعوهم القرآن " أهل الكتاب " ، أو " الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " أو " الذين أتيناهم الكتاب " أو " النصارى " . ويصفهم القرآن بالإيمان وعبادة الله، وعمل الخير .
ويقول في ذلك " مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ " ( سورة آل عمران 113) .
ولم يقتصر القرآن على الأمر بحُسن مجادلة أهل الكتاب ، بل أكثر من هذا ؛ وضع القرآن النصاري في مركز الإفتاء في الدين ، فقال : " فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ " (سورة يونس 94) . وقال أيضاً : "وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" (سورة الأنبياء 7).
ووصف القرآن النصارى بأنهم ذو رأفة ورحمة :
وقال في ذلك : " وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ ، وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً " (سورة الحديد 27) .
وإعتبرهم القرآن أقرب الناس مودة إلى المسلمين :
وسجل ذك في سورة المائدة حيث يقول : " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ " (سورة المائدة 82) .
ونلاحظ في هذه الآية القرآنية تمييز النصارى عن الذين أشركوا . لأنها هنا تذكر ثلاث طوائف واجهها المسلمون وهي اليهود والذين أشركوا في ناحية ، والنصارى في ناحية أخرى . فلو كان النصارى من المشركين ، لما صحّ هذا الفصل والتمييز .
إن التمييز والفصل بين النصارى والمشركين أمر واضح جداً في القرآن ، ولا يقتصر على النص السابق ، وإنما سنورد هنا أمثلة أخرى . منها قوله : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " (سورة الحج 17) . ( انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى) . نفس هذا التمييز نجده في الآية 186 من سورة آل عمران ، ونجده واضحاً (قوانين التزوج المشترك) وفي قوانين الجزية ، ولا يتسع المجال في هذه العجالة لبحث مثل هذا الموضوع الواسع . على أنني سأعود إلى التكلم فيه في نهاية هذا المقال . أما الآن فيكفي في نظرة القرآن إلى إيمان النصارى أن نورد قوله " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " (سوره البقرة 62 ؛ سورة المائدة 69) .