إيران لاعب أساسي في شؤون العرب.. والعرب صامتون !!
بقلم : د . عمر الكبيسي
..........................
..........................
لم يعد سراً أو تكهناً أن إيران تتدخل وتتحكم بكل صغيرة وكبيرة في الشأن العراقي ، ففي الشأن السياسي يعرف القاصي والداني أن إيران حالت دون تمتع إياد علاوي باستحقاقه الانتخابي لتشكيل الحكومة ، وهي التي جاءت بالتوافق مع الإدارة الأمريكية بالمالكي رئيسا للوزراء ، ولولا موافقة السيد خامنئني التي حملها السفير الإيراني في بغداد قبيل دخول النواب إلى قاعة البرلمان وانعقاد الجلسة التي تأخرت لانتظار الموافقة لما أصبح أسامة النجيفي رئيسا لمجلس النواب، وعلى صعيد الكتل السياسية تقوم إيران بالهيمنة على قرار الأحزاب والتنظيمات الطائفية الشيعية التي احتضنت تأسيسها ودعمها عندما كانت معارضة في الخارج تحت مظلة ولاية الفقيه ومصلحة المذهب . أما على صعيد القوة العسكرية والأمنية والمخابراتية فإيران تهيمن من خلال تركيبة الجيش البديل الطائفية ومن خلال الميليشيات الطائفية المسلحة وبتنسيق كامل مع فيلق القدس وقياداته على الملف الأمني العراقي ، والإدارة الأمريكية تعرف ذلك جيدا، وزيرة الخارجية السيدة هيلاري كلينتون وقادة عسكريون صرحوا بذلك مرارا وتكرارا والقيادات الإيرانية كررت بشكل واضح أنها ستملأ الفراغ الحاصل على خلفية الانسحاب العسكري الأمريكي . كما يجمع كل المحللين السياسيين والعسكريين ان بقاء القوات الأمريكية في العراق كان يفقد الإدارة الأمريكية حرية المبادرة بأي عمل عسكري أو صدام مسلح مع إيران لان نفوذها المتصاعد في العراق جعلها هدفا عسكريا سهل المنال . حقائق كثيرة يعرفها العرب عن دور إيران ونفوذها في عالمهم العربي امتدادا من السودان إلى لبنان ومن العراق إلى الجزائر ودورها التخريبي في الخليج والبحرين والكويت وسوريا ولبنان لم يعد خافيا . إيران تتدخل بكل الشأن العربي وهي ترفض الإصغاء لكل طرح عربي بشأن هذا التدخل ، العرب يدركون جيدا ان دور إيران في تخريب العراق وتدميره ، ومعاناة العراقيين قد فاقت بكل معايير القسوة والشدة والحقد ما أحدثه الاحتلال الأمريكي فيه وبمباركة مقصودة من هذا الاحتلال لإثارة الطائفية ومسخ المعتقدات والقيم الموروثة ومسخ الهوية العربية لبوابة العرب الشرقية وعاصمة الدولة الإسلامية . ان ما يحدث اليوم من مواقف عربية متباينة وقرارات الجامعة العربية المسلوبة لا يمكن قراءته إلا من خلال استلاب الإرادة العربية واحتوائها بإرادة أجنبية ضاغطة ومن خلال نظرة قطرية متحكمة ومكلفة.فالجامعة العربية اعترفت بشرعية السلطة العراقية الحالية وعضويتها في الجامعة قبل ثماني سنوات بإرادة أمريكية وتجاوزت ذلك حين كانت الأمانة العامة لها مصرة على عقد مؤتمر القمة القادم في اربيل تحت راية علم الانفصال الكردي في شمال العراق ، والجامعة العربية اتخذت قراراتها بالأمس في الشأن الليبي واليمني بضغط أمريكي وغربي وتجمد عضوية سوريا اليوم لخدمة الأهداف نفسها في حين يدرك العرب ان دور النظام الإيراني في العراق وسلطته المنصبة في الشأنين السوري واللبناني وأحداث البحرين واضحة للعيان من دون أن يشكل هذا الدور التخريبي أي ردة فعل عربية جامعة وكابحة . ان آلاف المقاتلين المتدربين والمسلحين تدخل سوريا اليوم بمباركة السلطة العراقية وبدلا من أن يكون للجامعة دور في وقف هذه الخطر الداهم تصدر الجامعة العربية قرارات وتصريحات تؤذن بتدخل إقليمي وأجنبي ليلعب دورا قادما في سوريا يستهدف دمار سوريا على طريقة دمار العراق وتهميشه وتفتيته ! سيشهد التاريخ أحداثا لن يغفر فيها للنظام العربي الحاكم في تدمير ما تبقى من العراق وسوريا ، ما لم ينتبه العرب إلى حقيقة أن تغيير السلطة الحاكمة شيء نابع من صميم إرادة الشعوب المقهورة ، ولكن تحطيم الدولة ودمارها هدف استعماري وصهيوني لتحطيم الأمة وإضعافها.ان إيران لاعب خطر وفاعل في أحداث عالمنا العربي المستهدف، لكن العرب شعوبا وأنظمة وجامعة صامتون لا بل يتحمس بعض ساستهم ليلعب دورا اشد خطورة مما تفعله إيران بالعرب لإشعال فتيل الحريق . إذا كانت دوافع تجميد عضوية سوريا بقرار مستعجل ومتفرد هو معاناة شعب سوريا الشقيق، أليست معاناة العراقيين واستلاب هويتهم وتهجيرهم أشد وأمضى ؟ فلماذا تحتفظ الجامعة العربية باعترافها الرسمي لسلطة العراق التي اتضح دورها التخريبي بتنفيذ أجندة إيرانية في العراق ومحيطه العربي بشكل موثق ومعلن وباعتراف الأعداء والأصدقاء ؟ متى تهتز شوارب النظام العربي نحو دور حقيقي فاعل للإنقاذ ، بعد ان تحركت الشعوب المنكوبة من أجل التغيير فيما تتحرك الإرادة الأجنبية الطامعة لاحتواء هذا الحراك من أجل التدمير ؟
11 ـ 12 ـ 11
الأربعاء 6 فبراير - 8:15 من طرف 
