صدح المقام العراقي في دمشق حنينا إلى بغداد فامتزج بغناء كردي وأشوري مجسدا وحدة العراقيين على مسرح المركز الثقافي الفرنسي بدمشق.
فتحت عنوان (خمس سنوات مضت - فنانون عراقيون في المهجر) أقامت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مهرجانا ثقافيا فنيا استمر على مدى أربعة أيام تضمن أمسيات غنائية وشعرية ومسرحيات للأطفال قدم خلالها فنانون عراقيون بعضا من أعمالهم.
كما شارك خمسة عشر فنانا في معرض للرسم قدموا خلاله بعضا من أعمالهم التشكيلية، لكن الذي جذب الجمهور العراقي والسوري كان حفل الموسيقى العراقية الذي تضمن غناء لفرقة أطفال العراق وعزفا منفردا على العود لعلاء صبري وغناء لفرقة المقام العراقي بقيادة المطرب قاسم الرحال.
كما قدمت ليليان ساوا مقطوعات من الغناء الآشوري، وألقت سهام ابراهيم وعلى أنغام العود قصيدة سندباد بينما غنى يوسف زاخولي مقطوعات من الغناء الكردي. أما فرقة الريف بقيادة المطرب رعد الناصري فقدمت غناء وعزفا من جنوب العراق.
"لن تكون إبداعات أي مغترب أكثر من تعبير عن مأساة عاشها ويعيشها"
ويقول أحد منسقي الحفل، كريم هميم، لـ بي بي سي إن الأمسية الموسيقية قدمت العراق الحقيقي شماله وجنوبه، شرقه وغربه العراق الواحد الموحد، وأعرب هميم عن استغرابه من شعراء وفنانين عراقيين يقدمون في قصائدهم وغنائهم مصطلحات مثل شيعي وسني و كردي.
وأضاف قائلا: أنا شيعي وزوجتي سنية وأقاربي أكراد والعراق منذ الأزل هو هكذا دائما وفي هذه الأمسية شعرت أن العراق كله كان على المسرح فتوحد الجمهور والفنانون بأرواحهم وفنهم، كاشفا عن أوبريت غنائي يعمل على إعداده بالتعاون مع فنانين سوريين وعرب.
أما معرض الفن التشكيلي فقد استحوذ على اهتمام المثقفين السوريين والعراقيين الموجودين في العاصمة السورية.
ويقول وليد أرشد، الفنان التشكيلي العراقي وعضو جمعية الفنانين العراقيين والحائز على دبلوم معهد الفنون الجميلة في بغداد عن تأثير اللجوء على إبداعه ل بي بي سي: كل إنسان يخرج من بلده سيواجه الأسوأ وعلى كافة الصعد فهو سيفتقد أعز ما يمتلك ويحب. وبالتالي لن تكون إبداعاته أكثر من تعبير عن مأساة عاشها ويعيشها.
وأشار إلى أنه في سورية لا يشعر بالاغتراب نسبة إلى من يعيش في دول بعيدة مثل أوربا وأمريكا. وعن أعماله التي قدمها في المعرض يقول أرشد: إن أعمالي المعروضة في مجملها هي ذكريات حملتها في حقيبتي عندما قدمت إلى سورية.
نشر المهرجون العراقيون الثلاثة الفرح والضحك بين الأطفال العراقيين والسوريين
وتتركز في مجملها على العنف الذي يمارس في العراق والسيارات المفخخة التي تستهدف أبناءه والدماء التي تسيل على أرضه.
ورغم رؤيته المتشائمة إلى المستقبل الغامض والضائع في نظره، فإنه يعمل على إنجاز معرض مشترك بين الرسامين التشكيليين العراقيين والسوريين.
أما المهرجون العراقيون الثلاثة فقد قدموا مقطوعات نشرت الفرح والضحك بين الأطفال العراقيين والسوريين، فهؤلاء الثلاثة علي وعبد الرحمن وسيف كانوا طلابا يدرسون المسرح في مدرسة الفنون الجميلة في بغداد لكن الحرب دفعتهم للانضمام إلى فرقة للمهرجين تعمل على نشر السعادة وسط العنف.
لكن هذا المشروع توقف عندما قتل اثنين من أفراد الفرقة الأمر الذي دفع الثلاثة للقدوم إلى سورية حيث يتابعون تقديم عروضهم.
أما فرقة أطفال العراق فقد حازت على تصفيق الحضور عندما غنت أحب بلادي وأغنية سلاماً يا يد الزمن. من جهتها تقول داليا العشي، المسؤولة الإعلامية في مفوضية اللاجئين والتي تعيش حركة دؤوبة في الإشراف على هذا النشاط لـ بي بي سي: لقد أقمنا منذ سنة حملة أسميناها (عبٌر) هدفت إلى إفساح المجال أمام اللاجئين العراقيين الموجودين في سورية للتعبير عن مواهبهم وإبداعهم شعرا وغناء ورسما ومسرحا.
استحوذ معرض الفن التشكيلي على اهتمام المثقفين السوريين والعراقيين في دمشق
وتضيف داليا قائلة لقد هدفنا من نشاطنا إلى تذكير الرأي العام بمرور خمس سنوات على نشوب الحرب في العراق وللتذكير أيضا بأن اللاجئين العراقيين في سورية ما زالوا يعيشون على الأمل ويناضلون للاستمرار، الأمر الذي جسدوه في لوحاتهم وأدائهم الغنائي والموسيقي والمسرحي عبر فرقة المهرجين التي رسمت الابتسامة على وجوه الأطفال السوريين والعراقيين.
وتقول داليا العشي إن هذا النشاط الثقافي يهدف إلى إشعار الرأي العام السوري بأوضاع هؤلاء اللاجئين العراقيين ومعاناتهم المادية والنفسية، ورغم ذلك فهم يتابعون حياتهم وإبداعهم مستلهمين تراث العراق الغني.
ويبقى حلم العودة الأمل الوحيد الذي يدفع باللاجئين العراقيين للاستمرار بينما يتملكهم الخوف من المستقبل بعيدا عن الوطن